جاهزية المملكة العربية السعودية لجائحة (كوفيد 19): الدروس المستفادة من تجربة فيروس كورونا المرتبط بمُتلازمة الشرق الأوسط التَّنفُّسيَّة

نستعرض فيما يلي تأثير التجارب والدروس المستفادة التي مرت بها المملكة العربية السعودية أثناء انتشار فيروس كورونا المرتبط بمُتلازمة الشرق الأوسط التَّنفُّسيَّة في استجابتها وتعاملها مع جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، كما نناقش المزايا طويلة المدى التي تتحقق من تطبيق أنظمة قومية للسلامة والأمن البيولوجي في جميع أنحاء المملكة لمساعدتها في التعامل مع أي انتشار للوباء في المستقبل. 

ملتقى الصحة العالمي | 22 شوال 1441


في عام 2012 ظهر نوع جديد من فيروس كورونا حيواني المنشأ عُرِفَ باسم فيروس كورونا المرتبط بمُتلازمة الشرق الأوسط التَّنفُّسيَّة في المملكة العربية السعودية وانتشر في 27 دولة أخرى، مما تسبب في وقوع 2500 حالة عدوى مؤكدة و860 حالة وفاة مع انتشاره انتشارًا واسعًا خصوصًا في المنشآت الطبية وكان أكثرها في المملكة العربيةالسعودية. ولا شك في أن الخبرات التي استفادتها المملكة من انتشار فيروس كورونا المرتبط بمُتلازمة الشرق الأوسط التَّنفُّسيَّة ساعدتها في أن تكون أكثر استعدادًا لمواجهة وباء (فيروس سارس كورونا 2) أو جائحة كوفيد 19 نظرًا لأن السعودية كانت من أولى الدول التي طبقت إجراءات احترازية مبكرة وغير مسبوقة لمنع دخول الفيروس البلاد أو للحد من تأثيره إذا دخلها.

وكان من بين هذه التدابير الإحترازية إنشاء لجنة وطنية تتابع كل ما هو جديد حول العالم وتستعد لاحتمالية وصول الفيروس إلى السعودية وانتشاره فيها وحظر الوافدين إلى السعودية من الدول التي تأثرت بفيروس كورونا سارس 2 ، كما علقت دخول المعتمرين والسياح القادمين من الدول الأجنبية ومراقبة جميع المنافذ المؤدية إلى مكة والمدينة. وفور إعلان المملكة وقوع أول حالة إصابة بفيروس كائنة في 2 مارس 2020، تم تفعيل المنصات الرقمية الخاصة بالرعاية الصحية واستغلال تلك الأدوات في مساعدة الأفراد في طلب المساعدة الطبية وتلقي روشتات العلاج دون الحاجة إلى زيارة المراكز الطبية. كما أنشأت
وزارة الصحة مختبرًا متنقلًا قادراً -(بسعة كاملة)-على تحليل 10000 مسحة يوميًا والحصول على نتائجها في خلال 12 ساعة.

كما تمثلت الدروس المستفادة من اكتشاف المملكة فيروس كورونا المرتبط بمُتلازمة الشرق الأوسط التَّنفُّسيَّة في أن قامت وزارة الصحة السعودية بإنشاء مركز القيادة والسيطرة، كما عجلت بإنشاء المركز
الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها (SCDC) والذي يقف الآن في الصفوف الأولى في التصدي لكوفيد 19. كما تبرعت المملكة بمبلغ 150 مليون دولار أمريكي للتحالف العالمي للقاحات والمناعة (GAVI) لمجهوداتها المبذولة في مكافحة جائحة كوفيد 19.

كما أطلقت وزارة الصحة مختبر الصحة الوطني (NHL) كمختبر متخصص يقدم الدعم بتشخيص الأمراض المعدية وغير المعدية المتعلقة بالصحة العامة، والذي يعمل كمعمل مرجعي للاختبارات السريرية المتقدمة وإجراء بعض الأبحاث العلمية والطبية المتعلقة بالصحة العامة.

وقبل أن يعمل مختبر الصحة الوطني بكامل طاقته، وضعت منظمة الصحة العالمية هدفًا يجب على المملكة العربية السعودية تحقيقه يتمثل في إنشاء نظام حكومي خالص للسلامة والأمان الحيوي يمكنه
تحديد مسببات الأمراض الخطيرة والحد منها والسيطرة عليها ومراقبتها في عدد محدود من المنشآت مع الالتزام بأفضل الممارسات داخل تلك المنشآت. وقد استهدف ذلك انشاء ادارة للتعامل مع المخاطر الحيوية والتوعية والتدريب عليها، فضلاً عن سن الدولة تشريعات خاصة بالسلامة والأمان الحيوي، وتدابير واجراءات تتعلق بترخيص المختبرات ومكافحة مسببات الأمراض.

كما نصت التوصيات المقدمة للسعودية بمراجعة اختصاصات اللجنة الوطنية للسلامة والأمن الحيوي وتحديدها بوضوح لتعزيز التنسيق بين جميع القطاعات ومقدمي الخدمات المعنيين وضمان تطبيق نظام
موحد للسلامة والأمن الحيوي بينها جميعا. كما حث اكتشاف فيروس متلازمة الشرق الأوسط المملكة على إنشاء استراتيجية قومية لتحديد خطة عمل تراعي أولوية الإرشادات الخاصة بنظام السلامة والأمن الحيوي والتشريعات الخاصة به وكذلك شجعها على إعداد برنامج تدريبي موحد وشامل على الأمور المتعلقة بالصحة العامة.

ووفقًا لما نشره عبد الله القيسي وآخرون (2020) فإن وباء فيروس كورونا المرتبط بمُتلازمة الشرق الأوسط التَّنفُّسيَّة ساعد السعودية على إنشاء نظام صحة عامة على مستوى عال من الجاهزية، كما ساعدتها في
إنشاء سياسات وتدابير للتحكم في انتشار العدوى. ولا شك في أن المملكة قد تطورت كثيرًا في الجانب المتعلق بإجراء الأبحاث السريرية والعلمية على الأوبئة مما يتيح لنا أن نتوقع أن نرى إنشاء وتأسيس المختبرات المناسبة للسيطرة على المخاطر الحيوية وأن ننتقل إلى مستوى حوكمة أفضل يتعلق بالأبحاث والتطوير.